حذرت الأمم المتحدة مما بات يعرف بـ"الكوارث المتداخلة" التي تهدد العالم في الوقت الراهن والمتمثلة في الفقر وتغير المناخ وتلوث الهواء، والنمو السكاني في المناطق الخطرة، والتوسع العمراني غير الخاضع للقواعد، وفقدان التنوع البيولوجي.
وشددت المنظمة من خطورة تزامن أكثر من كارثة في توقيت واحد، معتبرة أن تزامن الأزمة التي سببها تفشي فيروس "كوفيد19" مع كوارث طبيعية شهدها العالم خلال هذا العام تسبب في تراجع جودة الاستجابة والتعاطي مع الكوارث، وهو مؤشر يجب إعادة النظر إليه وتعزيز جوانب الاستعداد خصوصاً فيما يرتبط بالقطاع الطبي.
ويتخذ العالم من اليوم العالمي للحد من الكوارث الذي أقرته هيئة الأمم المتحدة في 13 أكتوبر من كل عام مناسبة لتعزيز الثقافة العالمية للوقاية من الكوارث والتأهب لها والتعامل مع نتائجها.
وكشفت الأمم المتحدة في تقرير حديث عن ارتفاع كبير في الكوارث المرتبطة بالمناخ خلال العشرين عاماً الماضية حيث سجل العالم 7,348 كارثة مقارنة بـ4,212 كارثة تم تسجيلها في الفترة بين 1980 و1999، فيما لقي 1.23 مليون شخص مصرعهم نتيجة تلك الكوارث خلال العشرين عاماً الماضية بمعدل 60 ألفا كل عام، فيما بلغ عدد المتضررين من تلك الكوارث أكثر من أربعة مليارات شخص.
وعلى الجانب الاقتصادي، أدت الكوارث إلى خسائر تقدر بـ2.97 تريليون دولار للاقتصاد العالمي. وتشير البيانات إلى أن الدول الأفقر شهدت معدلات وفيات تزيد بمقدار 4 مرات عن الدول الأغنى.
وأفاد التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالحد من الكوارث بأن الدول الغنية لم تفعل الكثير لمعالجة الانبعاثات الضارة المرتبطة بالتهديدات المناخية المتسببة في معظم الكوارث اليوم.
وترى مامي ميزوتوري الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالحد من الكوارث أن وكالات إدارة الكوارث نجحت في إنقاذ الأرواح عبر تحسين الاستعدادات وتفاني الموظفين والمتطوعين.. إلا أن المخاطر المحتملة ما زالت تتزايد أمامهم، وخاصة بسبب الفشل الذريع من الدول الصناعية في خفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري".
وفيما رأت مامي أن تحسن تسجيل المعلومات المرتبطة بالكوارث قد يفسر بعض الزيادة خلال السنوات العشرين الماضية، إلا أن الباحثين يصرون على أن الارتفاع الكبير في الأزمات المرتبطة بالمناخ هو السبب الرئيسي لتلك الزيادة.
وعلى الرغم من تعهد المجتمع الدولي في اتفاق باريس للمناخ عام 2015، بشأن خفض ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمعدلات عصر ما قبل الثورة الصناعية، إلا أن السيدة ميزوتوري أعربت عن دهشتها لاستمرار الدول في غرس بذور تدمير البشرية، على الرغم مما يقوله العلم وتظهره الأدلة. وقالت "إننا نحول موطننا الوحيد /كوكب الأرض/ إلى جحيم لا يمكن العيش فيه لملايين الناس".
وذكر التقرير الأممي أن جائحة كوفيد-19 سلطت الضوء على الكثير من أوجه القصور في مجال إدارة الكوارث على المستوى العالمي على الرغم من التحذيرات المتكررة. وأوصى التقرير بقيام الحكومات باتخاذ عمل عاجل لتحسين إدارة مثل هذا الكوارث المتداخلة.
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام: على الرغم من أن حوادث الطقس /التي توصف بالمتطرفة/ أصبحت أكثر اعتيادا خلال العشرين عاما الماضية، لم تطبق سوى 93 دولة استراتيجيات للحد من الكوارث على المستوى الوطني قبل الموعد النهائي المحدد بنهاية العام.
وأضافت أن إدارة مخاطر الكوارث تعتمد على الإرادة السياسية قبل كل شيء، والوفاء بالوعود المعلنة في اتفاق باريس للمناخ وإطار عمل سنداي للحد من مخاطر الكوارث.
وعلى الرغم من أن التقرير يشير إلى تحقيق بعض النجاح في حماية المجتمعات الضعيفة من بعض المخاطر بفضل أنظمة الإنذار المبكر الأكثر فعالية، إلا أن مستوى الاستعداد والاستجابة والارتفاع المتوقع في درجات الحرارة يهدد بضياع تلك المكاسب في الكثير من الدول .
ويسير العالم، في الوقت الراهن، باتجاه زيادة في درجات الحرارة تقدر بـ3.2 درجة مئوية أو أكثر إذا لم تخفض الدول الصناعية انبعاث غازات الاحتباس الحراري بنسبة لا تقل عن 7.2 في المئة سنويا خلال السنوات العشر المقبلة لتحقيق ما اتفق عليه في باريس بشأن الحد من ارتفاع درجات الحرارة حتى لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية.