رحل صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت بعد مسيرة حافلة من العطاء سطر خلالها تاريخا مجيدا لدولة الكويت التي شهدت في عهده نهضة تنموية شاملة وعزز بعطائه الإنساني مكانة الكويت في مجال العمل الخيري والإنساني
رحل صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة بعد مسيرة حافلة من العطاء، سطر خلالها تاريخا مجيدا لدولة الكويت الشقيقة التي شهدت في عهده نهضة تنموية شاملة و عزز بعطائه الإنساني مكانة الكويت في مجال العمل الخيري والإنساني، وحمل عن استحقاق لقب "أمير الإنسانية".
وأعلنت الإمارات الحداد لمدة 3 أيام وتنكيس الأعلام خلالها على جميع الدوائر الرسمية داخل الدولة والسفارات والبعثات الدبلوماسية.
ولقي نبأ وفاة فقيد الكويت والأمتين العربية والإسلامية تفاعلا كبيرا على المستويين الرسمي و الشعبي في دولة الإمارات ليعكس ما حظي به الراحل من احترام وتقدير لدى القيادة والشعب الإماراتي.
فقد ترك خلفه مسيرة حافلة في خدمة وطنه وأمته والإنسانية بشكل عام، فحققت الكويت في عهده قفزات تنموية واقتصادية في مختلف المجالات، وأسهمت حكمته ووساطاته في رأب الصدع بين الأشقاء وحل العديد من أزمات المنطقة.
وحرص "رحمه الله" على تعزيز علاقات الأخوة والصداقة مع دولة الإمارات وجمعته علاقة وطيدة ومتميزة مع قيادتها الرشيدة .فقد شهدت العلاقات الإماراتية الكويتية في عهده تطورا ملموسا انتقلت خلالها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والتنسيق التام حيال جميع القضايا والمستجدات العربية والعالمية، انطلاقا من وحدة المصير والمصالح المشتركة للبلدين الشقيقين.
والشيخ صباح الأحمد هو الابن الرابع لأمير الكويت الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح، الذي توسم في نجله الفطنة والذكاء منذ صغر سنه، فأدخله المدرسة المباركية، ومن ثم أوفده إلى بعض الدول، ولاسيما الأجنبية منها للدراسة واكتساب الخبرات والمهارات السياسية، وعين في العام 1954 عضوا في اللجنة التنفيذية العليا التي عهد إليها آنذاك مهمة تنظيم مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية.
ومع توليه منصب رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل بدأت مسيرته في العطاء فقد عمل على تنظيم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، خصوصا في ظل تدفق الهجرات الخارجية من الدول العربية والأجنبية للعمل في الكويت، واستحداث مراكز التدريب الفني والمهني للشباب ورعاية الطفولة والأمومة والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، وتشجيع قيام الجمعيات النسائية والاهتمام بالرياضة وإنشاء الأندية الرياضية.
وفي عام 1957 أضيفت الى مهامه رئاسة دائرة المطبوعات والنشر إذ عمل على إصدار الجريدة الرسمية للكويت /الكويت اليوم/ وتم إنشاء مطبعة الحكومة لتلبية احتياجاتها من المطبوعات ووقتها تم إصدار مجلة العربي.
وأبدى اهتماما بارزا بإحياء التراث العربي وإعادة نشر الكتب والمخطوطات القديمة وتشكيل لجنة خاصة لمشروع كتابة تاريخ الكويت، وإصدار قانون المطبوعات والنشر الذي كان له دور مميز في ان تحقق الصحافة الكويتية مكانة مرموقة بين مثيلاتها في الدول العربية.
وبعد استقلال دولة الكويت عام 1961 عين الشيخ صباح الأحمد الصباح عضوا في المجلس التأسيسي الذي عهدت إليه مهمة وضع دستور البلاد، ثم عين في أول تشكيل وزاري عام 1962 وزيرا للإرشاد والأنباء.
وفي 28 يناير 1963 وبعد إجراء أول انتخابات تشريعية لاختيار أعضاء مجلس الأمة عين الشيخ صباح الأحمد الصباح وزيرا للخارجية، ليبدأ مسيرة مع العمل السياسي الخارجي والدبلوماسي التي برع فيها ليستحق عن جدارة لقب مهندس السياسة الخارجية الكويتية، وعميد الدبلوماسيين في العالم بعد أن قضى أربعين عاما على رأس تلك الوزارة المهمة قائدا لسفينتها في أصعب الظروف والمواقف السياسية التي مرت بها الكويت.
وقد أسندت إليه كذلك العديد من المناصب إضافة الى منصب وزير الخارجية حيث عين وزيرا للإعلام بالوكالة في الفترة من 2 فبراير 1971 وحتى 3 فبراير 1975 وفي 16 فبراير 1978 عين نائبا لرئيس مجلس الوزراء وفي 4 مارس 1981 تسلم حقيبة الإعلام بالوكالة إضافة إلى وزارة الخارجية حتى 9 فبراير 1982، وفي 3 مارس 1985 عين نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للخارجية حتى 18 أكتوبر 1992 عندما تولى منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية وفي 14 فبراير 2001 أسندت إليه مهمة تشكيل الحكومة الكويتية بالنيابة عن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء آنذاك الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح بسبب ظروفه الصحية وفي 13 يوليو 2003 صدر مرسوم أميري بتعيين الشيخ صباح الأحمد رئيسا لمجلس الوزراء.
واستمر الشيخ صباح الأحمد الصباح في مسيرة العطاء رئيسا للحكومة الكويتية حتى يناير عام 2006 عندما اجتمع مجلس الوزراء واتخذ قرارا بالإجماع بتزكيته أميرا للبلاد وفقا للمادة 3 من قانون توارث الإمارة الصادر عام 1964، وانطلاقا من هذا القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء الكويتي ومن مبايعة أسرة آل الصباح عرض الأمر وفقا للدستور على مجلس الأمة الكويتي الذي عقد جلستين يوم الأحد 29 يناير 2006 خصصت الأولى لمبايعة أعضاء مجلس الأمة للشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أميرا للبلاد، فيما خصصت الجلسة الثانية لتأدية القسم الدستوري أمام المجلس بحضور جميع أعضاء مجلس الوزراء.
ومنذ ذلك اليوم سطر الراحل الكبير تاريخا مجيدا لدولة الكويت الشقيقة على الصعيدين الداخلي و الخارجي .