تتواصل المعارك حول مدينة ليسيتشانسك الاستراتيجية شرق أوكرانيا وفي الجنوب حيث أدى قصف صاروخي على مبان إلى مقتل 21 شخصا قرب أوديسا وذلك بحسب سلطات كييف ومن جانبها قالت وزارة الدفاع الروسية: الجيش الأوكراني يتكبد خسائر فادحة
تتواصل المعارك الشرسة حول مدينة ليسيتشانسك الاستراتيجية شرق أوكرانيا، وفي الجنوب حيث أدى قصف صاروخي على مبان إلى مقتل 21 شخصا على الأقل قرب أوديسا، حسب سلطات كييف.
ويستمر القتال حول ليسيتشانسك آخر مدينة رئيسية خارج سيطرة الروس بعد في منطقة لوغانسك إحدى مقاطعتين في حوض دونباس الصناعي تسعى موسكو للسيطرة عليهما بالكامل.
وتشكل المدينة الجزء الشرقي من جيب يسيطر عليه الأوكرانيون، وتحاول روسيا تجاوزه منذ منتصف أبريل الماضي بعد أن فشلت في السيطرة على كييف.
ويتقدم الروس عبر ثلاثة اتجاهات نحو ليسيتشانسك، أحدها من "سيفيرودونيتسك"، وهي بلدة لا يفصلها عن ليسيتشانسك سوى نهر سيفرسكي دونيتس، ويبذل الأوكرانيون جهودا كبيرة في المعركة لمنع القوات الروسية من عبوره.
وكتبت وزارة الدفاع الروسية في بيان الجمعة أن "القوات (الروسية) وصلت إلى بوابات ليسيتشانسك والجيش الأوكراني يتكبد خسائر فادحة".
وأكد سيرغي غايداي حاكم منطقة لوغانسك ، أن الروس "يحاولون تطويق جيشنا من الجنوب والغرب" بالقرب من هذه المدينة.
من جهته، اعترف فولوديمير زيلينسكي بأن الوضع ما زال "صعبا جدا" في ليسيتشانسك.
وذكرت وزارة الدفاع البريطانية أن القوات الروسية "تؤكد أنها استولت على قرية بريفيليا" الواقعة شمال غرب هذه المدينة. واضافت أن "القتال العنيف مستمر للاستيلاء على المرتفعات المحيطة بمصفاة النفط على الأرجح".
وهذه القراءة للوضع كررها المعهد الأميركي لدراسة الحرب (آي اس دبليو) ومقره في واشنطن. وقال المعهد إن "القوات الروسية تحاول على الأرجح عبور الركن الشمالي الشرقي من المصفاة للتقدم باتجاه ليسيتشانسك".
ورأت هيئة أركان الجيوش الفرنسية أنه حتى إذا "مارست القوات الروسية ضغوطًا شديدة على ليسيتشانسك"، فإنها لا تهدد "في هذه المرحلة التماسك العام للنظام الدفاعي الأوكراني في دونباس". لكنه تحدث أيضا عن "تعزيز للقدرات المدرعة الروسية وتكثيف للدعم الجوي وضربات على الصفوف الخلفية للقوات الأوكرانية".
وتكمن أهمية ليسيتشانسك، في أنها كانت في السابق مركزا لتصنيع الفحم والمواد الكيميائية، وتعد بمثابة الجيب الأخير للمقاومة الأوكرانية في منطقة لوغانسك.
وأشار المعهد الأميركي نفسه إلى جهود بذلها الجيش الروسي لاستعادة السيطرة على بلدات في شمال مدينة خاركيف (شمال شرق) التي أعلن حاكمها أوليغ سينيغوبوف سقوط أربعة قتلى وثلاثة جرحى خلال الساعات الـ24 الأخيرة في المنطقة (ثلاثة قتلى وجريحان في إيزيوم، وقتيل واحد وجريح في شوهيف).
موضع نزاع
أما منطقة خيرسون التي يسيطر عليها الروس وحلفاؤهم الانفصاليون، فهي لا تزال، حسب المصدر نفسه، "موضع نزاع عسكري وسياسي وتواصل القوات المسلحة الأوكرانية استهداف المواقع العسكرية الروسية".
وأكد الجيش الأوكراني إنه ضرب "حشدا لقوات العدو والمعدات العسكرية" بالقرب من بلدة بيلوزيركا وأعلن سقوط "35 قتيلا" بين الجنود الروس وتدمير دروع العدو.
من جهة أخرى، قال حاكم منطقة أوديسا ماكسيم مارتشنكو على تطبيق تلغرام إن "العدو أطلق ثلاثة صواريخ على قرية سيرغييفكا في إقليم بيلغورود دنيستروفسكي". وأضاف "دُمّر مبنى واحد وكذلك مجمع سياحي".
وأوضح مارتشنكو أن "21 شخصا قتلوا بينهم طفل في الثانية عشرة من العمر، و38 آخرين يعالجون في المستشفى بينهم خمسة أطفال اثنان منهم في حالة خطيرة".
وأكد حاكم أوديسا أنه "لم يكن هناك أي هدف عسكري" في المكان الذي تعرض للقصف.
وكانت قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الأوكراني ذكرت أن طائرات توبوليف من طراز تو-22، وهي قاذفات استراتيجية تعود لحقبة الحرب الباردة ومصمّمة لحمل شحنات نووية، أطلقت من البحر الأسود صواريخ "كيه اتش 22" استهدفت مبان مدنية في مدينة ساحلية صغيرة في أوديسا.
وقال زيلينسكي خلال استقباله رئيس الوزراء النروجي يوناس غار ستور "إنها ضربة روسية متعمدة وليست مجرد أخطاء أو ضربة عرضية".
من جهته، دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في تغريدة "شركاءنا إلى إمداد أوكرانيا بمنظومات دفاعية مضادة للصواريخ باسرع وقت ممكن". وأضاف "ساعدونا في إنقاذ أرواح". ووصف روسيا بأنها "دولة إرهابية".
وفي برلين دانت الحكومة الألمانية الهجوم. وقال المتحدث باسمها شتيفن هيبشترايت إن "الجانب الروسي الذي يتحدث مرة جديدة عن أضرار جانبية لا إنساني ووقح". و"يظهر لنا هذا الأمر مرة جديدة وبصورة وحشية أن المعتدي الروسي يقبل عمدا موت المدنيين" داعيا "الشعب الروسي إلى مواجهة هذه الحقيقة في النهاية".
لكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أكد ردا على سؤال عن الضربات أن "القوات المسلّحة الروسية لا تستهدف منشآت مدنية" في أوكرانيا.
دعم أمريكي جديد
جاءت هذه الضربات الجديدة غداة انتهاء قمة في مدريد لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أكدت خلالها الدول الأعضاء وعلى رأسها الولايات المتحدة دعمها الثابت لأوكرانيا في مواجهة روسيا وأعلنت عن مساعدات عسكرية جديدة.
وكان الروس أعلنوا الخميس انسحابهم من جزيرة الثعبان في البحر الأسود ما اعتبره الأوكرانيون انتصارا لهم. وتقع هذه الجزيرة جنوب غرب أوديسا وقبالة مصب نهر الدانوب.
وتقع بلدة سيرغييفكا الساحلية التي قصفها الروس الجمعة على بعد حوالي ثمانين كيلومترا جنوب غرب أوديسا، في أقرب جزء من الساحل الأوكراني إلى هذه الجزيرة الأساسية للتحكم في حركة المرور البحرية، ولا سيما لتصدير ملايين الأطنان من الحبوب التي تظل عالقة في الصوامع الأوكرانية.
وفي آخر حلقة في حرب الحبوب هذه، طلبت أوكرانيا من تركيا اعتراض سفينة شحن روسية طولها 140 مترًا من ميناء بيرديانسك في المنطقة المحتلة، تشتبه في نقلها آلاف الأطنان من الحبوب سرقها الروس.
وأكد الجيش الأوكراني داعما روايته بتسجيلات فيديو في المساء ، أن الجيش الروسي قصف جزيرة الثعابين مرتين حوالى الساعة 18,00 بقنابل فوسفورية على الرغم من أنه أكد الخميس أن انسحابه تعبير عن "حسن نية" وليس تحت وطأة القصف المدفعي الأوكراني.
في الجانب العسكري تحدثت مصادر أمنية غربية الآن عن مقتل ما بين 15 وعشرين ألف جندي روسي. وبحسب كييف، تخسر القوات الأوكرانية نحو مئة جندي كل يوم. وليست هناك أرقام من مصادر مستقلة.
ونزح أكثر من ستة ملايين أوكراني في الداخل حسب إحصاء جديد نشرته الثلاثاء المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
من جهته قال أوسنات لوبراني منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في أوكرانيا الخميس إن "نحو 16 مليون شخص هم بحاجة اليوم إلى مساعدات إنسانية من ماء وغذاء وخدمات صحية".
وينضم هؤلاء إلى أكثر من 5,2 ملايين أوكراني مسجلين كلاجئين في دول أوروبية أخرى منذ بدء النزاع في 24 فبراير.