أظهرت حيثيات العام الأول لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي عقدتها دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية، في مثل هذا الوقت من العام الماضي، مدى صواب الرؤية المشتركة في تشخيص الأوضاع الدولية والإقليمية المتسارعة، ومدى حاجة البلدين لإطار وثيق من العمل المنهجي الذي يضمن، مع الاستقرار الإقليمي، حرصا على السلام العالمي وتوظيفا للامكانات والطاقات المشتركة بروية مستقبلية واضحة.
اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي وقعت في أبوظبي يوليو 2018، أثناء زيارة فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ، جاءت للارتقاء بعلاقات شراكة بين البلدين وقعت عام 2012 وكانت فيها الإمارات أول دولة عربية خليجية تقيم مثل هذا الإطار المؤسسي مع الصين.
جهد وإنجازات سبع سنوات من الشراكة بين أبوظبي وبكين التي اكتسبت الطابع الاستراتيجي، ستكون موضع مراجعة وتقييم لجهة تعزيزها خلال اجتماع القمة الذي سيعقده في بكين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مع فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ.
وفي محاور هذه الشراكة الاستراتيجية من التنوع القطاعي والتكامل في الرسالة السياسية والتنموية، ما يسبغ على الدورة الحالية من لقاءات القمة أهمية استثنائية في مخاطبة التحديات التي تواجه منطقة الخليج والشرق الأوسط، والتي للصين فيها موقف واضح في الالتزام بالأمن والشرعية وباستقرار الإقليم النفطي وممراته المائية .
مجالات التعاون بين الإمارات والصين، كما ارتقت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، تغطي رزمة من المحاور تبدأ من السياسي والاقتصادي المالي، وكذلك التعليمي والتكنولوجي، ومثله الطاقة والمياه والثقافي والإنساني، فضلا عن المجالات العسكرية وإنفاذ القانون والأمن.
مبررات الارتقاء بالعلاقة بين بكين وأبوظبي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، تمثلت في قناعة الطرفين أن الأوضاع الإقليمية والدولية تشهد تغييرات وأحداثا متسارعة، وهو ما استلزم المزيد من التنسيق والتعاون للوصول إلى فهم مشترك.
ان الموقف الصيني واضح في إيمانه بالدور البناء الذي تقوم به الإمارات في الشؤون الإقليمية، وتقابله ثقة إماراتية بالدور الصيني الإيجابي في الشؤون العالمية، وقد أظهرت تطورات السنة الماضية التي أعقبت توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية دقة وصواب موقف أبوظبي وبكين في التعامل مع التحديات التي طالت العديد من مناطق الشرق الأوسط والخليج.
وتؤكد تقديرات أوساط المتابعة السياسية هنا في العاصمة الصينية أن الملف السياسي وتحديدا ما يتصل منه بأمن الخليج والممرات النفطية المائية، سيحظى بالأولوية في قمة بكين، وبما يرسخ من الدور الذي تنهض به الإمارات في حماية الأمن الإقليمي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومواجهة الإرهاب بمختلف أنواعه.
وفي موضوع مبادرة "الحزام والطريق" الذي توليه القيادة الصينية أهمية استراتيجية متقدمة، فقد تأكد مبكرا للبلدين أن الإمارات لديها من الموقع الاستراتيجي والبنية الأساسية والبيئة القانونية ومن نهج التسامح والانفتاح، ما يؤهل لأن تكون شريكا أساسيا يمتلك قدرة ابتكارية لتوظيف هكذا مشاريع في صناعة مستقبل بإيجابيات عابرة للحدود والقارات، ولذلك دخلت الإمارات عضوا في البنك الاسيوي للاستثمار في البنية التحتية، كما وسعت وكثفت من استثماراتها المنفردة والمشتركة التي تخدم هذه الرؤية وتوسع من الحضور النشط في مشاريع التنمية المستدامة.
وعلى الصعيد الاقتصادي ضمن أجندة الزيارة ستكون الفرصة رحبة لمراجعة الإنجازات التي تراكمت بين الإمارات والصين في 13 قطاعا كانت حددتها اللجنة الاقتصادية المشتركة في مجالات الاستثمار والصناعة والطاقة والسياحة والصحة والخدمات المالية، وستضاف لهذه المجالات مستجدات ما تم تحقيقه من تسهيلات إماراتية واستثمارات مشتركة على هامش إكسبو 2020 الذي ترى فيه الصين نفسها شريكا ذا مصلحة مؤكدة، يكمل شراكتها الاستراتيجية في تنفيذ الرؤى الإماراتية لعام 2030 وصولا الى مئوية الدولة الاتحادية عام 2071 .