مؤسسة دبي للمستقبل تستشرف تحديات النظام الصحي في الإمارات والمنطقة

استعرض تقرير "الحياة بعد كوفيد-19: مستقبل الصحة"، الذي أطلقته مؤسسة دبي للمستقبل بالتعاون مع مجلس دبي لمستقبل الصحة وجودة الحياة، أبرز الاتجاهات والتغيرات التي سيشهدها القطاع الصحي في دولة الإمارات والمنطقة، وكيفية تحويل هذه التحديات إلى فرص لتعزيز قوة الأنظمة الصحية وزيادة مناعتها، وذلك ضمن سلسلة تقارير استشرافية تعدها المؤسسة حول مستقبل القطاعات الحيوية بعد أزمة فيروس كورونا المستجد.

 

وسلط التقرير الضوء على جهود دولة الإمارات ودول المنطقة لتعزيز كفاءة نظمها الصحية خلال أزمة تفشي فيروس كوفيد -19، واستخلاص الدروس اللازمة لتطويرها بعد انتهائها، والاستعداد بصورة أفضل لأي جائحة محتملة في المستقبل.

وقال معالي حميد محمد القطامي المدير العام لهيئة الصحة بدبي رئيس مجلس دبي لمستقبل الصحة وجودة الحياة: إنه في أصعب الفترات والأزمات والحروب التي شهدها العالم في مراحل مختلفة من حياة الناس، كانت هناك انفراجة وكان هناك ازدهار. لكن هذا لا يحدث بطبيعة الحال إلا بعد المراجعة والتقييم، ومن ثم التخطيط السليم المبني على خلاصات منطقية وواقعية.

وأوضح أن الأزمة وضعت النظم الصحية في دول العالم تحت التقييم، وجعلت الكثير من الدول التي واجهت صعوبات في التعامل مع /كوفيد 19/ تعيد النظر في سياساتها وخططها مع قياس كفاءة مستشفياتها ودرجة جاهزية كوادرها الطبية.

ولفت معاليه إلى أن تقرير "الحياة بعد كوفيد-19: مستقبل الصحة"، الذي أعدته مؤسسة دبي المستقبل، يظهر الملامح المهمة التي مر بها العالم في هذه الأزمة، إلى جانب ما تناوله التقرير من جوانب العمل وإجراءات التحرك على مستوى الدولة، وفي دبي، وكذلك بعض من التصورات المستقبلية للعمل في المرحلة المقبلة.

من جهته، قال خلفان جمعة بلهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل: "إن توجيهات قيادة دولة الإمارات بضرورة تعزيز التعاون المشترك بين مختلف الجهات الحكومية لمواجهة تحديات "كوفيد-19"، شكلت الحافز الأكبر لفريق العمل في المؤسسة لتكثيف الجهود والبدء بشكل فوري بالعمل على عدة مشاريع تدعم جهود القطاع الصحي، واستشراف أبرز التحديات والفرص المستقبلية بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة بما يضمن الارتقاء بصحة وجودة حياة أفراد المجتمع".

وأضاف: "حرصت مؤسسة دبي للمستقبل على توظيف كافة طاقاتها وبرامجها ومشاريعها في خدمة القطاعات الرئيسية في الدولة بشكل عام، والقطاع الصحي بشكل خاص، منذ بداية تفشي جائحة كورونا المستجد، وبادرت للتنسيق مع مختلف الجهات الحكومية والشركات الخاصة العاملة في قطاع الخدمات الصحية لتطوير أفكار ومشاريع مبتكرة تعزز من قدرة أداء القطاع الصحي"، مشيرا إلى أن التقرير هدف إلى تسليط الضوء على الفرص المتاحة في المستقبل القريب والبعيد وضرورة تسريع تبني التكنولوجيا الحديثة والممارسات الناجحة في الأنظمة الصحية حول العالم.

ولفت التقرير إلى أن أنظمة الرعاية الصحية في مختلف الدول تقع تحت ضغط كبير، بسبب نقص أدوات اختبار الفيروس وإمدادات الطواقم الطبية وأجهزة التنفس الصناعي والأسرّة، ما دفع بعض الدول إلى تحويل الأماكن العامة مثل الملاعب ومراكز المعارض إلى مستشفيات.

وأوضح التقرير أن استجابة الحكومات والمنظمات الدولية لهذه الجائحة كانت متباينة، ولم تتفاعل الكثير من الدول بالسرعة اللازمة لمكافحة تفشي الفيروس عالميا، خصوصا أن معظم الحالات القليلة الأولى التي أُبلِغ عنها في الصين، كانت لأشخاص تزيد أعمارهم على 60 عاماً، فيما أكدت منظمة الصحة العالمية أيضاً أن كبار السن أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، ما جعل صغار السن يشعرون بخطر أقل، ولهذا ظل الشباب على مستوى العالم حتى مارس 2020 يخرجون ويختلطون بالآخرين مع احتمال أن يصابوا بالفيروس وينقلوه.

وبمجرد أن اتضحت جدية المخاطر على الجميع، طُبِّقت عمليات الإغلاق في بلدان عديدة، لتحفيز الناس على التزام منازلهم، وأُطلقت حملات واسعة النطاق على منصات التواصل الاجتماعي خدمة لهذا الهدف، قادتها مؤسسات عالمية شهيرة؛ وتمت الاستعانة بالمشاهير للترويج لهذه الرسائل. ففي دولة الإمارات تعاون المكتب الإعلامي لحكومة دبي مع كبار المشاهير لاجتذاب اهتمام الناس الذين يعيشون في الدولة ومن مختلف الخلفيات الثقافية، لتسجيل مقاطع فيديو تحض الناس على البقاء في منازلهم.

ويتطرق التقرير إلى تزايد عدد الوفيات في العالم وارتفاع نسبتها، إلا أن ذلك يقابله انخفاض معدلها في الدول العربية، وقد يعود ذلك إلى عدم توفر تقارير من بعض الدول، إضافة إلى أن معدل أعمار السكان في المنطقة منخفض نسبياً /27 عاماً/ ويعني هذا أنه حتى إن أصيب سكان المنطقة بالفيروس فالأرجح أنهم قادرون على التغلب عليه.

ويشير التقرير إلى أن منظمة الصحة العالمية طورت بروتوكولها القياسي لتتبع المرض في جميع أنحاء العالم، وطلبت من البلدان استخدام أداتها لجمع البيانات وتحليلها ومشاركتها عبر سياقات مختلفة، للحصول على تقدير أفضل لشدة تفشي فيروس كورونا المستجد /كوفيد-19/ وقابليته للانتقال، فيما تعمل شركات متعددة مثل "غوغل" و"آبل" على تطوير تطبيقات تنبه الأشخاص إن اقتربوا جسدياً من أشخاص مصابين بالفيروس. كما طورت العديد من الحكومات تطبيقات مشابهة؛ إذ أطلقت البحرين، مثلاً، تطبيقاً يسمى BeAware مرتبطاً بسوار معصم، وهو ينبه نظام المراقبة إذا تم خرق سياسات الحجر الصحي في المنزل، وأطلقت دائرة الصحة في أبوظبي تطبيقاً يستخدم "البلوتوث" لتتبع أماكن الأشخاص، وتحديد إن كانوا على احتكاك بشخص مصاب.

وتعالج دولة الإمارات وغيرها من دول المنطقة والعالم مرضى "كوفيد-19" باستخدام البلازما، ووجد الأطباء أن 40-50% من المرضى يتماثلون للشفاء بعد هذا العلاج، ولهذا وافقت هيئة الصحة بدبي على أن تقدم المستشفيات الحكومية والخاصة لمرضى كوفيد-19 العلاج ببلازما النقاهة. وإضافة إلى ذلك تجرى اختبارات في دولة الإمارات لتوفير العلاج بالخلايا الجذعية، في مركز أبوظبي للخلايا الجذعية، ويختبر الباحثون هذا العلاج على مرضى كوفيد-19، وقد تلقى هذا العلاج 73 مريضاً حتى بداية مايو وتعافوا جميعاً.

وأشار التقرير إلى الإجراءات التي اتخذتها حكومة دبي، منها استخدام بعض المباني مثل مركز التجارة العالمي حيث تم تجهيز مستشفى ميداني داخله على أعلى مستوى تحسباً لأي تطورات، وهذا ما حدث في دول أخرى مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. وأولت دولة الإمارات عمليات فحص الأشخاص بحثاً عن الإصابات.. أولوية قصوى.

وأوضح أن الجهات الصحية في دولة الإمارات أجرت أكثر من 2.5 مليون اختبار لأفراد المجتمع، ما جعلها إحدى أفضل الدول في العالم في إجراء الاختبارات بالنسبة لعدد السكان. وتمثل هذه الاختبارات إحدى جوانب تنفيذ الاستراتيجية العامة للحياة بعد "كوفيد-19" على مستوى دولة الإمارات، التي حدد معالمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، خلال اجتماع الحكومة السنوي الذي عقد منتصف مايو، فيما تواصل حكومة دبي الاهتمام بقطاع الرعاية الصحية ضمن أولويتها الاستراتيجية، مع التركيز على الصحة العامة والأمراض المعدية، ومن المتوقع أن تتجه دبي إلى تنمية أعداد المتخصصين في علاج الأمراض المعدية وأبحاثها ضمن الإمارة.

وتوقع التقرير أن يزداد الاعتماد على "التطبيب عن بعد" في المستقبل ليحصل عدد أكبر من المرضى على الاستشارات الصحية الأولية عبر الإنترنت أو الذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن تطوير بروتوكولات أمنية واضحة، مثل مواصفة أمن المعدات الطبية التي أطلقها مركز دبي للأمن الإلكتروني بالتعاون مع هيئة الصحة بدبي، سيكون ركيزة لحماية خصوصية المرضى وتوفير معلومات صحيحة.

وأشار إلى زيادة متوقعة في استخدام التقنيات الناشئة في قطاع الرعاية الصحية لإنتاج الإمدادات الطبية، ومن أهمها الطباعة ثلاثية الأبعاد التي يمكن توظيفها في صناعة الكمامات والأقنعة وصمامات الأكسجين، والخلايا والمواد الحيوية التي تتكون منها الأنسجة البشرية، فيما سيشهد العالم اهتماماً أكبر للطلاب بدراسة الأوبئة والمجالات الصحية والطبية عموماً.

الجدير بالذكر أن مجلس دبي لمستقبل الصحة وجودة الحياة، يهتم بدراسة التحديات والمستجدات المتصلة بجودة الحياة ومستقبل الصحة في ضوء التطورات المتسارعة في الذكاء الاصطناعي واستخدام الروبوتات في القطاع الصحي، وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد والعيادات الذكية ذاتية القيادة، وهو أحد 13 مجلساً ضمن "مجالس دبي للمستقبل" التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل.

الاكثر من أخبار محلية

أخبار محلية