استضاف برنامج "الاقتصاديين الشباب" الذي تنظمه المؤسسة الاتحادية للشباب جلسة حوارية بحضور معالي عبد الله محمد البسطي، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي، تحدث خلالها عن نموذج عمل اقتصاد دبي، والتوجهات الاستراتيجية للإمارة.
تأتي الجلسة في إطار فعاليات البرنامج التي تعقد في مركز الشباب بدبي، تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي.
واستعرض البسطي أهم الفرص الاستثمارية والاقتصادية التي توفرها دبي، وتطرق لأهمية البرنامج في تمكين الشباب الإماراتي واستثمار قدراتهم وإمكاناتهم في الخطط التنموية، وبناء نموذج يحتذى مختص بالشأن الاقتصادي.
واستهل معالي عبد الله البسطي الجلسة بتسليط الضوء على الدور التجاري والاقتصادي التاريخي والعريق لمدينة دبي على مر العصور لمشروع ساروق الحديد وذلك قبل 5000 آلاف سنة، وكيف استمرت منارة للتجارة بمفهوم السوق الحرة الذي رسخ نهجه الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم، طيّب الله ثراه، حينما أعفى تجار الموانىء من الرسوم في العام 1903 وكيف ظل خور دبي نواةً للأنشطة التجارية وحركة السفن والاقتصاد منذ 150 عاماً حيث بدأ باسقبال ـ90 سفينة سنوياً في العام 1822 وصولاً إلى 18,000 سفينة سنوياً في يومنا الحالي.
وقال معاليه: سأتحدث عن قصة نجاح دبي، التي من شأنها مساعدة الأجيال للمحافظة على النجاحات الموجودة والمكانة العالمية التي وصلنا إليها..
وتناول معاليه أولى المشاريع التي أطلقتها دبي على مدار العقود الماضية، مثل خور دبي ومطار دبي الدولي والمنطقة الحرة، والتي شكلت حجر الأساس في بناء دبي الحديثة، والتي أرسى أسسها المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، ليكمل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" مسيرة التقدم والنمو، وفق رؤية استثنائية للقيادة والإدارة ثم عزيمة قوية لتحقيق هذه الرؤية وإرادة صلبة لمواجهة التحديات وتحقيق الإنجاز، وتمكّن سموه من قيادة تطوير وتحديث هذه المشاريع وغيرها لتتحول إلى فرص واعدة حققت للإمارة مكانتها الحالية كمركز اقتصادي وتجاري إقليمي، ووجهة سياحية عالمية رائدة، وأكد معاليه أن هذه الرحلة المتميزة أثمرت عن تضاعف اقتصاد دبي 14 مرة خلال ثلاثة عقود فقط.
وتحدث معالي البسطي عمّا وصفه بسر نجاح المدن الحديثة، وهو العلاقات الطيبة مع الجميع والانفتاح على العالم ككل، مستشهداً بماضي الآباء والأجداد الذين جعل منهم عملهم رواداً للأعمال حسب طبيعة كل منطقة.
وقال معاليه: اليوم لدينا 23 منطقة حرة، نسبة مساهمتها في الاقتصاد المحلي 33% وتضم 43 ألف شركة ويعمل فيها نحو 380 ألف موظف، ويعتبر مركز دبي التجاري العالمي من أهم 10 مراكز تجارية في العالم، لدينا برج العرب وبرج خليفة .. كلها لم تكن فقط مشاريع تجارية بل هي تحف معمارية ومعالم سياحية، وأصبحت علامة مميزة للإمارة على مستوى العالم.
وبيّن معاليه أن دبي تحرص على بناء منظومة اقتصادية مستدامة تقلل من الاعتماد على النفط، وقال معاليه: اقتصاد دبي متنوع، بين السياحة والصناعة والخدمات المالية والنقل والعقارات وغيرها، وإن أي خطة ناجحة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذا التنوع الاقتصادي.
وسلّط معاليه الضوء على الآثار العالمية لجائحة كوفيد 19، وكيف واجهت دولة الإمارات هذه الأزمة، من خلال منظومة حكومية اقتصادية وتشريعية قوية تنظم العمل الاقتصادي.
وحول خطة دبي لمواجهة التبعات العالمية لأزمة كوفيد 19 قال البسطي: تعددت السيناريوهات المطروحة في بداية هذه الجائحة العالمية وتواصلنا مع كافة الشركاء لنكون قريبين من الاحتياجات والتطلعات لنتفهم نوعية التحديات التي تواجهنا، وعليه أطلقت حكومة دبي حزمة اقتصادية تجاوزت قيمتها 6 مليارات درهم لمواجهة الآثار الاقتصادية للجائحة، فضلاً عن إلغاء الغرامات، وتسهيل التنقل بين المناطق الحرة وغيرها من المبادرات والإجراءات المهمة، كما لعب القطاع الخاص دوراً مهماً في مواجهة الآثار السلبية للأزمة، من خلال المساهمة بمبادرات متفاوتة، كتمديد العقود أو تخفيض الإيجارات وغيرها.
وقال معاليه موجهاً حديثه للشباب: إذا أردت أن تعمل في مكان يجب عليك أن تحب هذا المكان، وأن تتحدث عن مؤسستك بكل فخر، وأن تبدع في أي مشروع مهما كان صغيراً، كن دائم العطاء، ليشعر من حولك بأنك أهل للمسؤولية، وقدوة يمكن الاعتماد عليها، كن صادقاً ومنظماً وملتزماً لتحقق النجاح في كل خطوة.
وتوجه معاليه للمشاركين الشباب بسؤال حول من هو القائد من وجهة نظرهم؟ وتعددت إجابات الحضور فبعضهم رآه من يتسم بالحكمة، وآخرون قالوا هو من يتخذ القرارات بالوقت الصحيح، أما معاليه فقال إن القائد هو من يتسم بالشجاعة، مشيراً إلى فكر وعمل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وإلى قادة دولة الإمارات، مؤكداً أن الإماراتيين محظوظين بقادتهم.
وفي الختام أوصى معاليه الحضور بضرورة التوجه نحو دراسة المفاهيم المختلفة لقطاع الاقتصاد والتعرّف على طريقة عمله، مؤكداً على أهمية وجود شباب مواطن مثقف اقتصادياً ليحافظ على مسيرة نجاح دولة الإمارات، والبناء على مكتسباتها وقيادة المرحلة المقبلة بالمهارات والمعرفة والخبرات العملية.
تجدر الإشارة إلى أن الدفعة الأولى من برنامج "الاقتصاديين الشباب" تشهد مشاركة 50 شاباً وشابة من أصل 650 مرشحاً، حيث يتخلل البرنامج لقاءات مع خبراء وصناع السياسات وشخصيات اقتصادية بارزة، ويشتمل أيضاً على مجموعة من الزيارات الميدانية لبيوت الخبرة الاقتصادية الوطنية والعالمية، وذلك للمساهمة في تأهيل جيل جديد من الكوادر الوطنية المختصة في المجالات الاقتصادية عبر تزويدهم بأحدث التوجهات وإكسابهم أفضل الخبرات لتعزيز قدرتهم على طرح رؤى اقتصادية مبتكرة.
ويهدف "برنامج الاقتصاديين الشباب" إلى توعية الشباب الإماراتي بأهمية التخصص في المجال الاقتصادي، ويسعى إلى بناء وإعداد قيادات وطنية قادرة على قيادة المجالات الاقتصادية العصرية المتعددة، وتفعيل دور الشباب الإماراتي في بناء اقتصاد المستقبل، وتسليحه بالمعرفة اللازمة حول التوجهات الاقتصادية والخبرات العالمية.
وتضم قائمة شركاء البرنامج كلاً من: وزارة الاقتصاد، ومصرف الإمارات المركزي، والهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء، ودائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، ودائرة التنمية الاقتصادية في دبي، ومركز دبي المالي العالمي، وسوق دبي المالي، ومركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية، ومركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، وشركة إعمار العقارية، وشركة مبادلة للاستثمار، وصندوق النقد الدولي، والمركز الإقليمي للمساعدة الفنية للشرق الأوسط "ميتاك" التابع لصندوق النقد الدولي، وبنك ستاندرد تشارترد، وبنك HSBC ، و شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، و"سي إن بي سي" عربية، و بلومبيرغ، ومجلة هارفارد بيزنس ريفيو، وهيكل ميديا، ومؤسسة ومضة لريادة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والبرنامج الوطني للمشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وسي إف إيه.