يشكل برنامج تحول الحكومة الاتحادية إلى المحاسبة على أساس الاستحقاق نقطة مفصلية في تاريخ الإمارات كونه سيعزز مكانة الدولة ضمن أفضل دول العالم من ناحية التنافسية العالمية من جهة وأول دولة عربية شرق أوسطية تنجح في تطبيق برنامج التحول لأساس الاستحقاق من جهة أخرى.
ومثل إطلاق وزارة المالية برنامجا شاملا ومتكاملا يهدف لتحول الحكومة الاتحادية من الإطار المحاسبي المبني على الأساس النقدي المعدل إلى إطار محاسبي مبني على أساس الاستحقاق إنجازا وطنيا كبيرا يسهم في إدارة وتنمية الموارد المالية للحكومة الاتحادية بكفاءة وإبداع وفقا لأفضل الممارسات المتبعة عالميا.
-"تنمية الموارد"..
وتستعرض وكالة أنباء الإمارات "وام" في التقرير التالي أهمية ومزايا إطلاق هذا البرنامج الذي يهدف إدارة وتنمية الموارد المالية للحكومة الاتحادية بكفاءة وإبداع ويعكس دور وزارة المالية الرائد في الإدارة المالية العامة على مستوى المنطقة والعالم بما يتوافق مع المعايير الدولية.
ووضعت وزارة المالية المعايير الاتحادية على أساس الاستحقاق المحاسبي وتم اعتمادها من قبل مجلس الوزراء في عام 2017 كخطوة أولى حيث تم إطلاق مشروع التطبيق التجريبي على أنشطة ومعاملات وزارة المالية وبعد فحص النتائج وتقييمها تم تطبيقه على الوزارات والجهات الاتحادية.
وعملت الوزارة على تنفيذ برنامج الاستحقاق المحاسبي وفق المعايير المحاسبية للدولة التي تتوافق مع المعايير الدولية والمنبثقة من "apsess" فضلا عن السياسات والإجراءات المعتمدة منذ عام2017 بما يلبي متطلبات صندوق النقد الدولي ومعايير التنافسية الدولية.
- "ثلاث مراحل"..
ومر برنامج تحول الحكومة الاتحادية على أساس الاستحقاق المحاسبي بثلاث مراحل رئيسية بدأت أولها في عام 2015 والمتمثلة في "المرحلة التشريعية" وهي مرحلة دراسة التشريعات والقوانين الحالية ومدى ملاءمتها لنظام الاستحقاق المحاسبي مع تحديد الفجوات وإعادة إصدار القوانين واللوائح حسب أفضل الممارسات العالمية وبما يتوافق مع أساس الاستحقاق"IPSAS" .
ومن أهم مخرجات هذه المرحلة دليل المعايير المحاسبية لدولة الإمارات على أساس الاستحقاق إضافة إلى دليل السياسات والإجراءات المحاسبية على أساس الاستحقاق.
وجاءت "المرحلة التنفيذية" في عام 2017 وهي مرحلة تنفيذ المشاريع الفرعية مثل مشروع إعداد سجل الأصول الثابتة ومشروع تقييم وتدريب موظفي الجهات الاتحادية ومشروع تحول أرصدة الإيرادات والالتزامات والمصاريف ومشروع تحضير البيانات المالية وغير ذلك.. فيما جاءت "مرحلة الإطلاق" وهي مرحلة تفعيل الحكومة الاتحادية على أساس الاستحقاق المحاسبي وتقديم الدعم اللازم لكافة الوزارات والجهات الاتحادية.
- "آثار مباشرة"..
ويحقق هذا المشروع الاستراتيجي المبتكر آثارا مباشرة على أداء الحكومة الاتحادية تتمحور في 4 مجالات رئيسية تسهم في تحقيق " عمليات متينة ومسؤوليات واضحة" من خلال عكس صورة ادق للوضع الاقتصادي وحصر دقيق للأصول والالتزامات مما يؤدي إلى توزيع الموارد بفعالية عالية وبالتالي أخذ قرارات مبنية على أسس متناسقة وواضحة.
ويسهم المشروع في تحقيق "الاستجابة للمتطلبات وفعالية الموارد" من خلال تطوير سياسات وعمليات مالية متينة وتقسيم واضح للمهام ومسؤوليات فرق العمل إضافة إلى "التناسق والحلول العملية" عبر اكتساب خبرات جديدة والعمل على أحدث التقنيات المحاسبية والترفيع في كفاءة الموارد وفعاليتها لتقديم خدمات أرقي وذكية للمجتمع فيما تأتي " العولمة ومقارنة الأداء" من خلال الانفتاح على العالم ومقارنة الأداء المالي على المستوى الدولي واستغلال التجارب الدولية حول المسائل الشبيهة.
ويعد تطبيق المحاسبة على أساس الاستحقاق من أولى المتطلبات الأساسية لتحسين أداء إدارة المالية العامة على مستوى الحكومة الاتحادية لدولة الإمارات حيث سيكون لتطبيق مبدأ الاستحقاق المحاسبي تأثيراً إيجابياً مباشراً على الاقتصاد والمجتمع في الدولة ونتائج استراتيجية مهمة.
- "منافع عديدة" ..
ويوجد العديد من المنافع الناتجة عن الانتقال إلى تطبيق مبدأ الاستحقاق المحاسبي نرصد أهمها في 6 منافع والمتمثلة في "إنشاء إدارة مالية عامة سليمة" من خلال المواءمة مع أفضل الممارسات لمحاسبة القطاع الحكومي وتوحيد التقارير إضافة إلى "تحقيق الرقابة والمساءلة على أموال الحكومة" مما يتيح الاستخدام الأمثل للموارد وتحقيق شفافية أعلى ومساءلة للجهة الحكومية عن الأصول المخصصة لها.
كما تتواصل المنافع في "إعطاء صورة شاملة للمركز المالي للدولة " من خلال توضيح قيم أصول الدولة والمخزون والاستثمارات مقابل التزاماتها لبيان مقدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها واستثمار أموالها إضافة إلى "إعطاء صورة شاملة للأداء المالي للدولة" من خلال إثبات الإيرادات عند تحققها والمصروفات عند استحقاقها لإعطاء صورة أوضح عن الأداء المالي.
إلى ذلك يسهم مبدأ تطبيق المحاسبة في "ارتفاع المستوى المهني للكادر الوظيفي" من خلال اكتساب خبرات جديدة تساعد في رفع مستويات الرضا الوظيفي إضافة إلى "التخطيط المستقبلي" من خلال توفير معلومات دقيقة ومهمة لوضع خطط مستقبلية ولاتخاذ قرارات مستقبلية صحيحة وتبرهن وزارة المالية من خلال تطبيقها لأساس الاستحقاق المحاسبي عن الالتزام بتحسين استخدام وإدارة الموارد والرغبة في تعزيز شفافية التقارير المالية بالإضافة إلى قدر أكبر من المساءلة والارتقاء بالمستوى من خلال المقارنة مع أفضل الممارسات.
- "الاستحقاق المحاسبي"..
ويعد أساس الاستحقاق المحاسبي حافزا لتقديم بيانات مالية عالية الجودة وإدارة المالية العامة وتحسين الأداء التشغيلي خاصة في مجالات مثل الأصول الثابتة وإدارة المخزون ومنافع الموظفين مع الانتقال إلى درجة أكبر من النضج في الإدارة المالية العامة وإعداد التقارير التي تسهم في تعزيز الأداء والموثوقية وقابلية المقارنة.
ويأتي برنامج تحول الحكومة الاتحادية إلى المحاسبة على أساس الاستحقاق في ظل تغيرات جذرية يشهدها العالم تدعو إلى حتمية الاستجابة لهذه التغيرات وتعقيداتها بما يشمله مواجهة "الواقع الجديد" المتمثّل في تغيرات أسعار النفط وحركة الاستثمارات واستقطابها مع ضرورة الاستمرار في تطوير بنية تحتية ذكية تواكب المتغيرات المتسارعة في كافة القطاعات والمجالات الحيوية وهو ما يتطلب إعادة النظر في الممارسات المحاسبية المتّبعة بما يشمله من متابعة للأصول والالتزامات وأسس توزيع الموارد ومتابعة الأداء المالي بشكل عام.
- "مؤشرات الأداء"..
ويسهم مشروع الاستحقاق المحاسبي في رفع كفاءة إعداد الميزانية الاتحادية ومستويات الإدارة المالية العامة في الدولة بناء على مؤشرات الأداء الرئيسية المتمثلة في الأصول الملموسة وغير الملموسة والاستثمارات المالية إضافة إلى منافع الموظفين والمصاريف والالتزامات والإيرادات والذمم المدينة فضلا عن إعداد التقارير المالية والبيانات المالية "المستقلة والموحدة".
- "مزايا النظام " ..
ويتيح تطبيق النظام المحاسبي على أساس الاستحقاق مزايا كثيرة من أهمها " الأداء" وذلك من خلال تقييم أداء الحكومة بشكل أفضل من ناحية كلفة الخدمات التي تقدمها وفعاليتها وإنجازاتها إضافة إلى ميزة "الترشيد" وذلك بهدف إعطاء صورة أوضح عن مدى نجاح الحكومة في إدارة مواردها وترشيد نفقاتها ومن ثم "التحليل" من خلال توفير رؤية خاصة بالبيانات المالية لعدد من السنوات مما يسمح بإجراء عملية المقارنة والتحليل على مدى الأعوام.
وتأتي "الموارد" كرابع أهم ميزة لتطبيق النظام كونها تتيح إمكانية إجراء مقارنة أفضل وأكثر كفاءة بين مختلف خيارات استخدام الموارد فيما يليها "التدفقات النقدية" من خلال تقييم أداء الوزارات والهيئات التابعة للحكومة الاتحادية من ناحية مركزها المالي وتدفقاتها النقدية فيما تسهم " التكلفة" في تحديد إجمالي كلفة الخدمات التي تقدمها الحكومة ومقارنتها بكلفة خدمات القطاعين الخاص والتطوعي وتأتي "الدقة" بهدف تعزيز القدرة على توفير سجلات محاسبية أكثر دقة وتكاملًا وفقاً لأعلى معايير الكفاءة.
الجدير بالذكر أن وزارة المالية أطلقت بنجاح جهات المرحلة الأولى من مشروع تحول الحكومة الاتحادية لأساس الاستحقاق المحاسبي وشملت المرحلة الأولى من المشروع كلاً من وزارة الاقتصاد ووزارة تنمية المجتمع ووزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي والهيئة الاتحادية للضرائب والهيئة الاتحادية للجمارك ووكالة الإمارات للفضاء.