صُممت الإضاءة القمرية لجامع الشيخ زايد الكبير بنظام إنارة ذكي يعمل بزاوية 360 درجة ليضفي تأثيرًا بديعًا على المحيط الخارجي للجامع، يحاكي تأثير ضوء القمر المتداخل مع الغيوم.
ويستمد نظام الإضاءة قيمته الجمالية والثقافية التي انفرد بها عن غيره، من خلال برمجته بنظام تشغيل مرتبط بـ/الساعة القمرية/، ويتغير سطوع التأثير الضوئي كل يومين على مدار الشهر الهجري، محاكيا سطوع القمر في مراحله بادئًا بالضوء الأزرق الداكن تزامنًا مع الهلال، ليقل زرقةً تدريجيا حتى يصل إلى اللون الأبيض تزامنا مع /البدر/، ثم يعود تدريجيًا إلى اللون الأزرق الداكن الذي يتزامن مع اختفاء القمر، بادئًا دورته من جديد بعد ذلك.
ويتكامل التأثير الآسر للإضاءة القمرية على الجدران الخارجية لجامع الشيخ زايد الكبير، مع ما يزخر به من جماليات وفنون وتفاصيل طالما أبهرت الناظرين، لتُفصح عن ثراء العمارة الإسلامية، وأصالة الموروث الثقافي الإسلامي، الذي يتجلى بدوره عن قيم تؤكد مبدأ التعايش والتواصل الحضاري بين الثقافة الإسلامية وغيرها من ثقافات العالم، وهو ما يمنح النظام إلى جانب بعده الجمالي عمقًا ثقافيًا، وتشكل بعدًا حضاريا يجسد إحياءه لموروث ثقافي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالثقافة الإسلامية، وهو اعتماد دورة القمر في حساب الشهور؛ وهي ظاهرة لها حضورها واعتباراتها في العديد من الأديان والثقافات، واعتمدت عليه التقويمات القمرية التي لاتزال تُستخدم في مختلف أنحاء العالم كالتقويم العبري وحساب السنة الصينية واليابانية والكورية، كما اعتمدت عليه التقويمات الهندوسية وغيرها؛ الأمر الذي ينطوي بدوره على مفاهيم التواصل الحضاري بين ثقافات العالم، ويمد جسور التواصل بين الحضارات عبر القواسم المشتركة بينها، حيث اعتمد عليه حساب التقويم الهجري وما يتخلله من مناسبات وشعائر إسلامية.
وتعمل الإضاءة القمرية من خلال أكثر من 840 إنارة موزعة على مدار الجامع، ما يجعلها تعكس إضاءة متجانسة ومنتظمة بأشعة ضوئية دقيقة على الجامع، بالإضافة إلى اثنين وعشرين برج إضاءة يحيط بالجامع لإظهار تجانس تشكل الغيوم مع الإنارات بشكل جمالي، حيث تم تصميمها لتتناغم مع جماليات الجامع المعمارية، ويحتوي كل برج إنارة على ما يتراوح بين 9 و13 كشافًا ضوئيًا، وتتم العناية بأبراج الإضاءة القمرية بصيانتها وتنظيفها بشكل دوري كل ثلاثة أشهر باستخدام تقنية الضغط العالي للماء.
ويحظى نظام الإضاءة القمرية الفريد من نوعه بعناية خاصة من قبل فريق متخصص؛ من خلال القيام بأعمال صيانة دورية ودقيقة تتم وفق خطط مدروسة بأفضل الممارسات والمعايير. وقد استغرقت أعمال الصيانة التي تمت مؤخرا بالعمل على تحديث نظامها بشكل كلي 4 أشهر عمل من قبل فريق متخصص بلغ عددهم 25 شخصا يجمع بينهم مهندسون وفنيون ومتخصصون، عملوا على مدار الأسبوع بواقع 24 ساعة يوميا، حيث تم استبدال وحدات الإنارة بأخرى تعمل بنظام /LED/ الأطول عمراً والأقل استهلاكًا للطاقة، وتمت خلال الأعمال، معاينة الخوادم ومعايرتها، كما تمت البرمجة النهائية للإنارة، بأحدث التقنيات.
ويأتي ذلك في إطار جهود المركز للمحافظة على جماليات الجامع إذ يعمل المركز بمنظومة متكاملة، تتم من خلال كوادر متخصصة تتمتع بمهارات عالية، في مختلف المجالات، وفي إطار خطط مدروسة، تُعنى بالجامع كدار عبادة، ونموذج معماري فريد للعمارة الإسلامية. الأمر الذي يستدعي تحقيق استدامة جمالياته.
ويتميز الجامع بتصميم معماري استثنائي، وعمارة إسلامية بديعة، تضفي الإضاءة القمرية على تفاصيلها الجمالية سحرًا خاصًا، معززة مشهد الخارجي للجامع الذي تتوشح جدرانه الإضاءة القمرية بخصائصها البديعة، وهو يأسر الناظر بمجرد وصوله إلى مشارف مدينة أبوظبي.