أعلنت "جمعية الإمارات للطبيعة" بالتعاون مع "الصندوق العالمي للطبيعة" وبالشراكة مع هيئة البيئة - أبوظبي ومؤسسة البحوث البحرية نتائج هامة ضمن مشروعهم للحفاظ على السلاحف البحرية الخضراء في الخليج العربي وتعد الأولى من نوعها في المنطقة وأحد أبرز الجهود العالمية المماثلة وذلك احتفالاً باليوم العالمي للسلاحف.
وقامت الجمعية بالتعاون مع هيئة البيئة بتعقب ما مجموعه 36 سلحفاة خضراء عبر الأقمار الصناعية حيث تم مؤخراً تتبع رحلة ثلاث سلاحف انطلقت من مواقع التغذية في جزيرة بوطينة في أبوظبي متجهة إلى سلطنة عُمان للتزاوج والتعشيش قبل أن تعود مجدداً إلى حيث بدأت الرحلة على جزيرة بوطينة.
وتؤكد هذه النتائج أن السلاحف لا تنتمي لدولة ولا مكان بعينه الأمر الذي يسلط الضوء على المسؤولية الأممية المشتركة وعلى ضرورة تكاتف الجهود لحماية هذه الأنواع وإدارة الموائل والأحياء البحرية.
وتُعد المحافظة على السلاحف وحمايتها ضرورة قصوى للنظم البيئية البحرية ولما لذلك من انعكاسات مباشرة على المجتمع حيث تسهم في حماية العديد من الأنواع البحرية الأخرى وتدعم النظم البيئية كما ترفد عدداً من الصناعات المحلية بما في ذلك الصيد والسياحة.
وقالت الدكتورة هيمينا رودريغوز مدير مشروع الحفاظ على السلاحف البحرية في جمعية الإمارات للطبيعة: " نظراً لأن السلاحف من الأنواع البحرية التي تعيش طويلاً فإنها تعدّ بمثابة مؤشر لحالة البيئة البحرية كما أن الحفاظ عليها يتطلب استراتيجيات طويلة المدى تفيد باقي الأحياء البحرية والموائل وبالتالي تساهم في رفاه المجتمع. فمن خلال توثيق رحلة هجرة كاملة استطعنا أن نحصل على بيانات أكبر حول الاحتياجات البيئية ومتطلبات المحافظة على السلاحف وأهمية دولة الإمارات لهذه الأنواع كموقع للتغذية فبالحفاظ على السلاحف يمكننا تحقيق إنجازات بيئية أكبر وأهم لاستقرار البيئة البحرية في الإمارات والمنطقة." وتعمل جمعية الإمارات للطبيعة إلى جانب عدد من الشركاء المحليين والعالميين على تطوير إطار أساسي لاحتياجات الحفاظ على السلاحف الخضراء في المنطقة من خلال تطبيق حلول تستند إلى أسس علمية لحماية هذه الأنواع وبقائها الأمر الذي يسهم في تعزيز جهود حماية الأحياء البحرية ككل وأجندة التخطيط المستقبلية.
من جهتها قالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري الأمين العام لهيئة البيئة - أبوظبي بالإنابة: " يُعد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " طيب الله ثراه" أحد أكثر الشخصيات اهتماما بالبيئة على مستوى العالم لا سيما البيئة البحرية التي احتلت مكانة خاصة في نفسه حيث اعتبرها جزءاً هاماً من تراث الإمارات وحاضرها ومستقبلها ومن هنا جاء حرص هيئة البيئة – أبوظبي على العمل منذ تأسيسها على الحفاظ على إرث الوالد المؤسس والسير على خطاه في حماية البيئة".
وأضافت الظاهري: " تشير جهود رصد الأنواع التي بذلتها الهيئة في السابق إلى وجود أعداد كبيرة من السلاحف الخضراء التي تتغذى في مياه أبوظبي لكن ليست هناك معلومات عن تعشيشها هنا بناءً على نتائج هذا المشروع سنعمل على تنفيذ مبادرات بيئية للحفاظ على الموائل التي تعشش وتتغذى فيها هذه الأنواع فالسلاحف الخضراء وموائلها هي كنز إقليمي هام علينا جميعاً العمل يداً بيد لحمايته".
وكانت أحد السلاحف الثلاث قد غادرت جزيرة بوطينة في أبريل 2018 وعادت إليها في ديسمبر 2019 بعد رحلة استمرت ثمانية أشهر سافرت فيها من الإمارات مروراً بإيران لتتجه جنوباً إلى سواحل سلطنة عُمان حيث تزاوجت وعششت في منطقة رأس الحد موقع تعشيش السلاحف الخضراء المعروف والذي يضم أكثر من 80 في المائة من السلاحف الخضراء في المنطقة وبعد ذلك تتبعت طريق العودة ورجعت إلى شواطئ جزيرة بوطينة خلال شهر واستقرت هناك منذ ذلك الحين.
ويهدف مشروع الحفاظ على السلاحف البحرية الخضراء في الخليج العربي إلى دعم الجهود المشتركة للتخطيط والتطوير البحري في دولة الإمارات والمنطقة حيث يقدم بيانات علمية لأغراض وضع الخطط المحلية الأساسية والتخطيط البحري وعمليات التطوير.
وتكمن أهمية المشروع في الآثار الكبيرة التي تعود بها حماية السلاحف البحرية على النظم البحرية ككل بما في ذلك الشعب المرجانية والأعشاب البحرية وأشجار القرم وغيرها من الأحياء البحرية التي تعمل جميعها على الحفاظ على رفاه المجتمعات وخاصة تلك التي تعتمد بشكل أساسي على الموارد البحرية.
ومنذ إطلاقه في مايو 2016 واصل جمع بيانات علمية حول أعداد السلاحف وتوزيعها الجغرافي وأنماط حياتها وموائلها لتحديد مسارات هجرتها و"المواقع الهامة للسلاحف البحرية" /ITAs/ الضرورية لأغراض الحفاظ على هذه الأنواع.
وقالت ليلى مصطفى عبد اللطيف مدير عام جمعية الإمارات للطبيعة: "سعداء بالاكتشاف الجديد الذي حققه فريق عملنا بالتعاون مع شركاء الجمعية المتفانون حيث يسهم هذا المشروع في دعم المنظومة الاجتماعية الاقتصادية في دولة الإمارات ويستعرض المنافع الإنسانية والبيئية والاقتصادية للحفاظ على البيئة البحرية وهو مثال حي للحاجة إلى شراكات متينة تسعى جاهدة للحفاظ على البيئة وتشجع أفراد المجتمع على العيش بانسجام مع الطبيعة وأحيائها الفريدة والمتنوعة." إن جهود الحماية والإدارة الفعالة لهذه الأنواع هي أمر هام ليس فقط من أجل الحفاظ على السلامة البيئية للجزيرة، ولكن أيضاً من أجل تعزيز قدرة النظم البيئية البحرية في دولة الإمارات والمنطقة.
وخلال القرن الماضي انخفضت أعداد السلاحف الخضراء بنسبة وصلت إلى 50-70 في المائة على مستوى العالم فيما أصبحت السلاحف عرضة للخطر بشكل كبير في المنطقة نظراً إلى ازدياد معدلات التقاطها عن طريق الخطأ في شبكات الصيد أو أعمال التطوير الساحلية التي قد تدمر موائلها والتأثير طويل الأمد للتلوث البحري وتغير المناخ.